“الكراكة” معلم أثري وحضاري توّج الدورة الثانية لمهرجان عيد السمك بحلق الوادي
انطلقت مساء أمس فعاليات الدورة الثانية لمهرجان عيد السمك بحلق الوادي، الذي يدوم يومان، بإشراف وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وكاتب الدولة المكلّف بالرياضة لدى وزارة الشباب والرياضة عماد الجبري ووالي تونس عمر منصور تحت شعار حلق الوادي مدينة الثقافة مدينة السياحة مدينة التعايش والتسامح.
شهد افتتاح هذه التظاهرة السنوية استقبالا للضيوف أمام ساحة النصر بحلق الوادي مرفوقا بعرض بهيج للماجورات والدمى العملاقة مع تنشيط متميّز بشارع روزفالت رفقة عدد كبير من المواطنين من مختلف الشرائح والأعمار بداية من ساحة حي النصر مرورا بشارع روزفالت حيث المطاعم التي تستقبل زائريها بالبسمات وكلمات الترحاب وصولا إلى مدخل فضاء الكراكة حيث وقع تدشينه إثر غياب سادته الفوضى والهمجية إلى جانب التمتّع بنسمات البحر العليلة والجمالية التي تتميّز بها هذه المنطقة مما بعث حركية كبرى في أرجاء المدينة وخلق حيوية وديناميكية.
وتوزّع المتفرّجون على مختلف المطاعم الممتدّة على طول 3 كيلومتر لتذوّق أطباق الأسماك الشهية الرائحة والعذبة المذاق في “عيد السمك” والاستمتاع بالبرمجة الثقافية والفنية لهذه التظاهرة ضمن تنظيم محكم من إدارة المهرجان وإطار أمني متكامل لضمان تواصل هذه المناسبة في أحسن الظروف.
وفي هذا الصدد، صرّح وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين أنّ عيد السمك بحلق الوادي هو فرحة عارمة لتضمّنه عدّة جوانب اجتماعية كما أنه فرصة لبعث الحياة من جديد في هذه المنطقة ونشر البهجة التي فقدتها لسنوات.
وأضاف أنّ هذه التظاهرة لها رمزيّتها من خلال الثروات السمكية والسعي للتعريف بها وبفوائدها ومميّزاتها مشيرا الى الموروث الثقافي والحضاري الذي تكتسيه مدينة حلق الوادي مشيرا الى أنّ رمزيّة المنطقة تتمثّل أيضا في معلم الكراكة لأنه معلم أثري وتاريخي عريق وقد تزامن افتتاحه مع افتتاح عدّة معالم ثقافية أخرى على غرار قصر العبدلية ومعلم ابن خلدون والنجمة الزهراء ومن هنا يتّضح استمرارية المعالم الأثرية وعودة الحياة فيها من خلال عودة الأنشطة الثقافية بها على حدّ قوله.
وبدوره، عبّر والي تونس عمر منصور عن سعادته وفخره باستعادة معلم أثري وحضاري عريق مثل معلم الكراكة بعد أن كان مرتعا للفوضى والهماجية.
وقال أنّ جهوده انصبّت في هذا المعلم لتحريره وإعادة بريقه الحضاري لكونه مفخرة البلاد وواجهة للأجانب لكونه محاذيا لميناء حلق الوادي ليصبح واجهة سياحية تاريخية تحفّز الزائر على العودة ليصبح معلم الكراكة محرّك اقتصادي بعد أن كان معلم تارخي.
ومن جانبه، أكّد مدير المهرجان المنصف الشاوش أنّ هذه الدورة هي الثانية بعد الثورة اثر غياب دام حوالي 7 سنوات، حيث تضمّنت الدورة الماضية تحدّيا لرجوع المهرجان الى سالف عهده أمّا هذه الدورة فهي إعادة إحياء أكبر معلم أثري وتاريخي بمنطقة حلق الوادي وهو معلم الكراكة الذي كان مغلقا لعدّة سنوات لأسباب رفض البوح بها والذي يستوعب 800 شخص وذلك على اثر معاينة الحماية المدنية للموقع وإعطاء الإشارة لاستغلاله.
وأضاف الشاوش أنّ معلم الكراكة وقع إعادته بتضافر جهود وزارتي الثقافة والسياحة ووالي تونس والمعتمد وبلدية حلق الوادي إلى جانب متساكني المنطقة الذين سعوا جاهدين لإعادة نظارتها وإشعاعها نظرا لكونها نقطة وصول السياح الأجانب والمواطنين التونسيين بالخارج حيث وقع ترميم معلم الكراكة وتنظيفه من الفوضى التي كان عليها.
وأشار إلى أنّ السّعي لإحياء مهرجان عيد السمك بحلق الوادي تمثّل في العرض الكبير الذي تضمّن فرقة الماجورات والدمى العملاقة وعرض الجمال وغيرها ممّا بعث الفرح والسرور في نفوس متساكني المنطقة والزوّار ليكون متنفّسا ثقافيّا يبعث نسمات الحنين في أرواح المواكبين لهذه المناسبة.
وقال الشاوش أنّ تدشين المعلم الأثري والموروث الحضاري تضمّن عرض المدحة بفضاء الكراكة هذا العرض الذي يشمل أغان صوفية مع عرض راقص واكبه المسؤولين وبعض أعضاء مجلس النواب وسفراء أجانب وعدد كبير من الوافدين على هذه المنطقة من متساكنين وزوّار أجانب.
وأضاف الشاوش أنّ المهرجان يتواصل إلى اليوم بعنوان “موسيقى دون توقّف” ليتضمّن ستّ ساعات من الموسيقى التونسية والشعبية والروك والبلوز والجاز بحضور الفنانين سفيان سفطة ووليد سلطان بالإضافة الى الموسيقى الليبية من خلال عرض لفرقة “بحور المادحين الليبية” وذلك في إطار التعاون الثقافي وذلك بداية من الساعة السابعة مساء بساحة النصر بحلق الوادي ليكون عرضا مفتوحا للجميع مشيرا الى أنّ الدورة السابقة شهدت حضور 100 ألف مشاهد راجيا تضاعف العدد في هذه الدورة وبالتالي يكون المهرجان متعة ثقافية للجميع وعامل من عوامل نجاح مدينة حلق الوادي.
واختتم مدير المهرجان أنّ العروض أصبحت مجانية بعد أن كانت مقرّرة بمعلوم رمزي وذلك بفضل دعم المساهمين في هذه التظاهرة وتضافر جهود شباب المنطقة.
مدينة حلق الوادي هي فسيفساء من الأجناس والديانات إذ تتميّز بتسامح الأديان وتعايش الأجناس على مرّ التاريخ حيث اتّسعت أرضها لاحتواء المسجد الاسلامي والكنيسة المسيحية والكنيس اليهودي في آن واحد وقد وضع تمثال الثلاث سمكات المتعانقات في مدخل المدينة للدلالة على تسامح الأديان الثلاث (الاسلامية والمسيحية واليهودية) وينطبق عليها شعار “حلق الوادي مدينة الثقافة مدينة السياحة مدينة التعايش والتسامح”.
هاجر عزّوني